قصة ذي القرنين (الجزء الثاني)
-
وكذلك رجح الحافظ ابن حجر أنه ليس الإسكندر، فقال: الحق أن ذا القرنين غير الإسكندر، واستدل بعدة وجوه: منها: إيمان هذا وكفر ذاك.
إذا عرفنا أنه عبد صالح ملك عادل، وليس هو الإسكندر المقدوني، لماذا سمي بذي القرنين؟
قيل: لأنه كان له في رأسه شبه القرنين وقال وهب بن منبه: كان له قرنان من نحاس في رأسه، قال ابن كثير: "وهذا ضعيف".
وقال بعض أهل الكتاب: "سمي بذي القرنين؛ لأنه ملك فارس والروم، فلقب بهذا.
وقيل: لأنه بلغ قرني الشمس شرقًا وغربًا، وملك ما بينهما من الأرض، قال ابن كثير: "وهذا أشبه من غيره" يعني هذا أقرب إلى الصواب من غيره من الأقوال، وهو قول الزهري رحمه الله.
إذًا اتسع ملك ذي القرنين يمينا وشمالًا، أو شرقًا وغربًا فسمي بذي القرنين، قيل: إنه ملك الأرض أربعة: اثنان مسلمان: سليمان عليه السلام، وذو القرنين، واثنان كافران: إسكندر المقدوني، وبختنصر، والله أعلم.
أما بالنسبة لهذه القصة فإن الله سبحانه وتعالى: وَيَسْأَلُونَكَ عَنْ ذِي الْقَرْنَيْنِ [الكهف: 83]، إذًا حصل سؤال من أهل الكتاب للنبي عليه الصلاة والسلام وَيَسْأَلُونَكَ عَنْ ذِي الْقَرْنَيْنِ قُلْ سَأَتْلُو عَلَيْكُمْ مِنْهُ ذِكْرًا [الكهف: 83]، "من" للتبعيض.
إذًا لن يقدم لهم كل التفاصيل وكل الأحداث، وإنما سيقدم لهم أهم الأشياء التي فيها عبرة وعظة، وكلمة مِنْهُ تدل على ذلك، فليس هذا عرضًا مفصلاً دقيقًا شاملاً لسيرة ذي القرنين، وليس القضية فيها تفصيل واستيعاب، إنما الذي يعيننا هو مواقع العبرة والعظة، ومواقف الدروس والدلالات والفوائد، ولهذا فإن المسلم لا يبحث عن تفاصيل لا مستند صحيح لها، وإنما يكتفي بما عرضه القرآن الكريم والسنة النبوية، والتفصيلات التي أغفلها القرآن الكريم لا فائدة منها لنا، ولو كان فيها فائدة لذكرها لنا، ثم لا سبيل لنا للوقوف عليها بطريق صحيح، فلماذا نتعب أنفسنا في الجري وراءها، ومحاولة معرفتها.
-
كما قلت موضوع جميــل و تنسيق 7/10 المسافة بين النصـــوـصـ
-
موضوع جميل