الصدق أمانة ... و الكذب خيانة
-
السلام عليكم
سُأل رسول الله : بما يعرف المؤمن؟قال: " بوقاره، ودينه، وصدق حديثه " .
الصدق علامة الإيمان، والكذب علامة النفاق، ويميز بين الناس من صالحهم وفاسدهم من خلال الصدق والكذب، فالإنسان الصالح لا يرتضي لنفسه الكذب، بل طبعه الصدق، والإنسان الفاسد لا يتمكن من ممارسة فساده إلا بالكذب.
فالصدق علامة الإيمان ولذلك حثت الروايات على ضرورة الصدق، وأن يتعلم الإنسان الصدق قبل أن يتعلم الحديث، فكما عن الإمام أبي جعفر الباقر : ( عن عمر ابن أبي المقدام قال لي أبو جعفر في أول دخلة دخلت عليه: " تعلم الصدق قبل الحديث " ) قبل أن تتكلم، وقبل أن تنطق وتتحدث في المجلس، وقبل أن تصعد منبر وتخطب، وقبل أن تتعلم الكتابة وتكتب مقال؛ لابد أن تتعلم الصدق.
نحن لابد أن نتعلم الصدق قبل أن نتعلم التحدث مع الآخرين، لأن الأزمة مع المجتمع البشري في الكذب، زعيم سياسي يكذب، ووجيه اجتماعي يكذب، وصاحب المال الغني يكذب، والعالم يكذب، والأب يكذب، والرئيس يكذب وهكذا باقي الفئات يقتاتون الكذب، وبالتالي المجتمع يفقد ويسلب الرحمة.
والخطير أن يكون الإنسان زعيم سياسي وطبعه الكذب، وعالم طبعه الكذب، لأنه عندما يكون عالم يبلغ الرسالة، أو يصعد منبر ليخاطب الناس، أو زعيم سياسي يوجه الناس وغيرهم، إذا كان الكذب من خصلته وصفاته أتباعه يكونون دماراً، فعندما نتكلم في مجلس بالكذب الحقيقة تضيع، لذلك أول ما نتعلم الصدق قبل الحديث.
فقبل أن اكتب مقالة، وقبل أن أتعلم الخطابة، وقبل أن أكون زعيماً، وقبل أن أكون في أي موقع قوة، نتعلم الصدق وأكون صادق, لأن في الصدق نجاة والكذب فيه هلاك، فلتتعلم أن يكون لساننا وقلبنا أن لا ينطق كلمة قبل أن نمررها على القلب.
لذلك في الرواية ( عن عبد العظيم أنه قال : " ومرهم بالصدق في الحديث " )
الإنسان يكون صادق عندما يتحدث، لابد أن يكون حديثك صدق، لا يكون كلمة واحدة في حديثك، لا تستهل في كلمة واحدة، مهما تكن العواقب، عندما يسأل الرسول الأكرم : ( بما يعرف المؤمن؟ فيقول: " بوقاره، ولينه، وصدق حديثه " ) .
فحينما ننظر إلى إنسان يصدق في الحديث هذا نعتبره مؤمناً، أما حينما نرى إنسان يستخف بالصدق ويكذب نخرجه من دائرة الإيمان، لأن المؤمن لا يكذب.
لما نرى في الساحة الإسلامية الكذب يضاف مثل شربة الماء، معناها أن هؤلاء بعيدون عن الإيمان ولا يوفقوا، بل ليسوا بأهل أن يمثلوا الرسالة : سواء زعماء سياسيين أو علماء دين أو خطباء أو فعاليات دينية، لذلك نحن لابد أن نتعلم الصدق، لأنه إذا أردنا أن نصبح مؤمنين نلتزم الصدق، لأن الكذب يخرجنا من دائرة الإيمان والصدق علامة على إيماننا، فإذا صدقنا هذه علامة على أننا مؤمنين.
لذلك الرسول حينما يبين علامة المؤمن بصدق في حديثه فمعناها أنها ليست قضية عادية، ونحن عندما نكون دعاة ورواد مساجد وندعوا لمذهب أهل البيت، أو خطاء وندعوا الناس إلى الخلق الفاضل وهكذا بالسلوك قبل اللسان، وحينما نكون صادقين في سلوكياتنا هنالك تكون دعوتنا ورسالتنا حقيقية.
روي أبو عبد الله الصادق قوله : " كونوا دعاة للناس إلى الخير بغير ألسنتكم، ليروا منكم الاجتهاد والصدق والورع " .
أما أن ندعوا إلى الفضيلة ونكذب .. ما الفائدة؟!
لذلك من سلوكيات الصدق أن لا يكذب لساننا، فأنا لو أعيش مع مجتمع وأعيش صادقاً لا أكذب هذه وسيلة من الوسائل الرئيسية للدعوة لرسالة أهل البيت وقيم أهل البيت .
فالصادق خير من الصدق، والإيمان قيمة، والأفضل من الأيمان المؤمن، والعطاء لله قيمة، والأفضل من العطاء المعطي، فكما جاء في الحديث ( عن جعفر بن محمد الصادق قال : " أحسن من الصدق قائله، وخير من الخير فاعله " ) .
أرأيت قيمة الصدق ؟!
يقول الله تعالى : ﴿ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُم مَّن قَضَى نَحْبَهُ وَمِنْهُم مَّن يَنتَظِرُ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلاً ﴾ .
وقال أيضا : ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللّهَ وَكُونُواْ مَعَ الصَّادِقِينَ ﴾ .
فالصادق خير من الصدق، وإذا كنت تريد أن تكون صادقاً فكن مع الصادقين حتى تتعلم الصدق، وبالتالي كن منهم حتى تكون أفضل من الصدق.
إذاً قيم الخير فضيلة، الأفضل منها فاعلها، فأنت حينما تصدق تكون صادقاً وهو أعظم وأفضل من الصدق، فلهذا لا ننزلق ولا تغرنا الدنيا، ونكذب كذبة من أجل الدنيا، فإذا رأينا علماء يكذبون هذا ليس بمبرر لكذبنا، وإذا رأينا سياسيين يكذبون ليحصلوا على الدنيا ليس مبرراً لكذبنا.
نعم تأتي استثناءات شرعية بحدودها وهذه ليست لعبة، لكن الأصل أن الكذب حرام وهو من المعاصي، وعندما يكون الكذب على الله ورسوله والأئمة يكون هذا من الكبائر، والذي يكذب لا يردعه شيء من الكذب على الله ورسوله، لأن ليس لديه مانع من التبرير لممارسته، فالكاذب يتسافل من كذبة صغيرة إلى أن يصل إلى الكذب على الله ورسوله.
بالتالي نحن لابد أن نحذر أن نبدأ بالكذب باسم فتوى وحكم شرعي وأنا اعلم بأنه ليس حكم الله، ولكن انطبعت بالكذب، لذلك نحن لابد أن نتعلم صدق الحديث قبل أن نتعلم الحديث، قبل أن نتعلم الكتابة والمقالة والخطابة.
الصدق خصلة المؤمنين المتقين، وسجيتهم الصدق، ومنطقهم الصدق، ولا يتفوهون إلا صدقاً، أما في المقابل أولئك : ﴿ كَبُرَتْ كَلِمَةً تَخْرُجُ مِنْ أَفْوَاهِهِمْ إِن يَقُولُونَ إِلَّا كَذِباً ﴾ .
فالخلاصة :
نحن لابد أن نكون من الصادقين قبل الحديث، حتى نكون من المؤمنين، وندعو للصدق من خلال سلوكياتنا الصادقة إلى رسالة أهل البيت وقيم السماء حتى نوفق لنكون خيراً من الصدق.
نسأل الله أن يجعلنا مع الصادقين ومن الصادقين وخيراً من الصدق إنه سميع الدعاء.
Ismail -
عليكم السلام ..
" الإيمان أن تؤثر الصدق حين يضرك على الكذب حين ينفعك "
موضوع جيد ، يجب أن تحاول الإبتعاد عن الحشو والتكرار والإختصار قدر الإمكان مع حصول المعنى المفيد لانه المواضيع الطويلة كثيراً لا ما تلقى إنزعاج من قبل الأعضاء ، " خير الكلام ماقلَ وذلَ " .. شكراً على الطرح أخي إسماعيل وتنبيهنا .